التطور التاريخي للتنظيم القضائي بالمغرب

الثلاثاء 14 أبريل 2020
مشاركة

مراحل التنظيم القضائي بالمغرب

يتجلى التطور التاريخي للتنظيم القضائي بالمملكة المغربية في ثلاثة مراحل مر منها المغرب و هي :

التنظيم القضائي المغربي قبل الحماية :

عرفت هذه المرحلة تنظيما قضائيا دينيا بامتياز حيث كان الشعب المغربي يفصل في قضاياه بالشريعة الإسلامية خاصة الفقه المالكي الذي يعد مرجعا مهم لمختلف القواعد تم الأعراف المحلية التي تأصلت في الذاكرة المغربية و التي اعتاد عليها الشعب المغربي ، و في ذلك الوقت كانت الدولة قد أنشأت محاكم للفصل في النزاعات و من بين تلك المحاكم نجد محاكم شرعية و مهمتها النظر في قضايا المسلمين المغاربة و توفر لهم العدالة و في المقابل نجد أيضا محاكم عبرية التي كانت تنظر في قضايا الميراث و الأحوال الشخصية لليهود المغاربة وفق شريعتهم ، تم المحاكم المخزنية أو ما كان يعرف بمحاكم الباشاوات و القواعد التي كان اختصاصها القضائي يقتصر فقط على القضايا الجنائية ، لان القائد أو الباشا في ذاك الوقت هو الممثل للسلطة المركزية في البلاد و هو الذي يتولى الحفاظ على الأمن و النظام ، إضافة إلى مهامه الإدارية ، و المحكمة القنصلية التي أنشأت من اجل توفير العدالة للجاليات الأجنبية في المغرب و التي تنتمي إلى دول أبرمت مع المغرب اتفاقيات تتعلق بالعدالة ، إضافة إلى كل هذه المحاكم توجد أعراف محلية لدى القبائل كنسيج إنساني متميز مع التحكيم الذي يعد أداة فعالة لإنهاء أي خلاف أو نزاع من شأنه أن يمس بقوة التلاحم التي تجمع بين أفراد هذه القبائل .

التنظيم القضائي المغربي في عهد الحماية :

  خضع المغرب في منتصف القرن التاسع عشر لنفوذ دول أوربية طامعة في ثروات البلاد ، و على إثر عوامل اقتصادية و سياسية و اجتماعية بسطت هذه الدول حمايتها على المغرب و ذلك سنة 1912 من طرف فرنسا بموجب اتفاقية فاس و إسبانيا بموجب اتفاقية مدريد و هذه الاتفاقيات هي التي غيرت مجرى الحياة العامة بالمغرب حيث انتقلت به إلى التطبيق القسري للثقافة الأجنبية ، وسنت له عدة قوانين مما أدى إلى إدخال أساليب جديدة في التنظيم القضائي ترتب عليها استبعاد العمل تدريجيا بالشريعة الإسلامية ، ومن بين هذه القوانين نجد المدونات الكبرى التي صدرت في تلك الفترة سنة 1913 و ظهير الالتزامات و العقود و التحفيظ العقاري و القانون التجاري و المسطرة المدنية و الجنائية تم ظهير التنظيم القضائي إضافة إلى هذه القوانين أنشأ المستعمر الفرنسي محاكم جديدة مختلفة و أطلق عليها اسم المحاكم العصرية التي تتكون من محاكم ابتدائية و محكمة إستئناف بالرباط و محاكم الصلح تم محاكم الصلح المعرفية و التي كان الهدف منها القضاء على التشريع الإسلامي في القبائل المغربية هذا ما أحدته المستعمر الفرنسي في الوسط البلاد .

  أما المستعمر الاسباني الذي وضع تحت حمايته شمال البلاد و جنوبها فقد أحدث محاكم إسبانية خلفية شبيهة بالمحاكم العصرية التي كانت تتألف من محاكم ابتدائية و محكمة إستئناف بتطوان و محاكم الصلح بإستثناء المحاكم العرفية في ما يخص منطقة طنجة الدولية و من أجل توفير العدالة في هذه المنطقة فقد احدث فيها محكمة مختلطة و التي تتألف من محكمة صلح و محكمة ابتدائية تم غرفة إستئنافية بها، و التي حل محلها قضاء دولي سنة 1953 متمثلا بالمحكمة الدولية بطنجة التي كانت تتألف من محكمة إبتدائية و محكمة إستئناف و محكمة جنائية إضافة إلى محكمة صلح .

التنظيم القضائي المغربي بعد الاستقلال :

  بعد حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956، بادر المسؤولين المغاربة بتطهير البلاد من الأجهزة التي أحدتها المستعمر في ضل الحماية ، و قاموا بإنشاء مؤسسات قضائية جديدة و موحدة و سن تشريعات موحدة من أجل إستكمال مقومات السيادة ، و من بين هذه القوانين قانون الأحوال الشخصية و قانون المسطرة الجنائية و القانون الجنائي و قانون الجنسية المغربية و بعدهم صدر أول دستور مغربي سنة 1962 ، يليه قانون التوحيد و المغربة و التعريب سنة 1965....

  أما من حيث تأليف المحاكم فقد أعد فيها المغرب النظر و حدد المحاكم العادية في محاكم الجماعات و المقاطعات ، و المحاكم الابتدائية و محاكم الاستئناف تم المجلس الأعلى و بعده جاء عدة تغييرات و أخرها تم إحداث محاكم إدارية سنة 1993، تم محاكم تجارية سنة 1997 ، تم إحداث محاكم إستئناف إدارية سنة 2006، و في سنة 2011، تم حذف محاكم الجماعات و المقاطعات و تم توزيع اختصاصاتها الترابي على أقسام بالمحاكم الابتدائية و أخرى بمراكز القضاة المقيمين و هذا كل ما عرفه المغرب من تغييرات على مستوى العدالة إلى هذه اللحظة و السلام عليكم و رحمة الله .

هذا كل مايتعلق بمراحل التنظيم القضائي بالمغرب ، حيث مر بثلاثة مراحل مهمة مرحلة ما قبل الحماية أي قبل سنة 1912 و مرحلة الحماية الفرنسية من سنة 1912 إلى غاية 1956 ثم مرحلة الاستقلال سنة 1956 الى غاية هذه اللحظة 2020 .



قد يهمك